وصف الطبيعة في عيون الشعراء الأند لسيـين
وصف الطبيعة في عيون الشعراء الأند لسيـين
لئن كان شعراء المشرق قد سبقوا إلى شعر الطبيعة,ولئن كان شعراء الأندلس قد اقتفوا أثرهم في هذا الفن الشعري,فإنهم لم يتخلفوا عنهم فيه,أويقفوا عند حدود الموضوعات التي طرقها المشارقة.والواقع الذي يشاهدُهُ من نفسه أن الأندلسيين قد فاقوا المشارقة في شعر الطبيعة كماًوكيفاً,وتوسّعوا ونوعوافي موضوعاته توسّعاًوتنوعاًفاق كل اعتبار,كما أنهم كانوا فيه أكثر براعة وابتكار وتجديداً ودقة وتصوير.
وقد تفوق الأندلسيون في وصف الطبيعة على شعراء المشرق,وأتوا بالروائع الخالدة,لما وهبهم الله من طبيعة ساحرة وخلابة,فقد كانت الأندلس من أغنى بقاع الدنيا منظراً وأوفرها جمالاً ولذلك شُغِف الأندلسيون بها,فأقبلوا يسرحون النظر في خمائلها,ويستمتعون بمفاتنها,فوصفوا الرياض والبساتين والأشجار والثمار,والأزهار والطيور,ووصفوا السحاب والرعد,والبرق وقوس قزح والأنهار والبحار,وقد وصفها ابن خفاجة بقوله:
ياأهل أندلس لله درُّكمُ .... ماء وظلُّ وأشجارُ وأنهار
ماجنة الخلدإلا في دياركم ..ولو تخيرتُ هذاكنتُ أختارُ
لاتختشوابعد هذاأن تدخلوا شعراً..فليس تُدخَل بعد الجنة النارُ
ومن ثم فكل هذه المحاسن التي حبت الطبيعة بها بلاد الأندلس كما ذكرنا سابقا هي في الواقع المرجع الأول الذي استلهمه شعراء الأندلس ,واستمدوا منه الفيض الزاخر من أغاني الطبيعة التي نظموها تمجيداً لجمال طبيعة وطنهم.
وفيما يلي بعض أمثلة لذلك:
*قال ابن هانئ الأندلسي يصف جُلنّارة,وهي زهرة الرمان:
وبنتِ أيكٍ كالشباب النضر.....كأنها بين الغصون الخضـر ِ
جنان بازٍ أوجنانُ صـقـــر.....قد خلّفته لقوة بــــوكــــــــر ِ
* وقال المعتمد بن عبّاد في وصف الياسمين ,وهي من الأزهار المحبوبة لدى الأندلسيين:
وياسمين ٍ حسَن ِالمنظر ِ.....يفوقُ في المرأى وفي المخبر ِ
كأنه من فوق أغصانــه...... دراهمُ في مُطرف ِ أخـــــضر ِ
*وقال الشاعر الأديب أبي عثمان المصحفي في وصف السفرجل:
ومصفرةُ تختال في ثوب نرجس ٍ..... وتعبقُ من مسك زكي التنفس
لها ريحُ محبوب ٍوقسوةُ قلبـــــه......ولون مُحبّ حُلّة السُّقم مكتسي
*وقال ابن زيدون يصف نوعاًَ من العنب اسمه"أطراف العذارى"أهداه إلى جدَّه:
أتاك محُيـيّاً عني اعتبارا.......عذارى دُونه ريقُ العذارى
تخال الشهُّد منه مستمــدّا......ونفحَ المسك منه مستــعارا
يروقُ العين منه جسم ماء..... غدا ثوبُ الهواء له شعارا
ولولا أنني قد نــــلت مـنه.....ولم أسكر لخِلتُ به عُقـــارا
*ومن روائع شعر ابن هانئ ما نظمه في وصف المطرومايعقبه من جمال الطبيعة,حيث قال:
ألؤلؤد مع هذا الغيث أم نقط......ماكان أحسنه لوكان يلتقط
كأن تهتانا في كل نــــاحيـــة.....مدّ من البحر يعلو ثم ينهبط
والبرق يظهر في لألاء عزّته.....قاض من المزن في أحكامه شطط
والأرض تبسط في هذاالثرىورقاً... كما تنشر في حافاتها البسط
والريح تبعث أنفاســـاً معطـــره.... مثل العبير بماء الورد يختلط
*ومن أجمل ما نظمه ابن خفاجه في وصف الطبيعة الأندلسية ,هذه
الأبيات التي يصف فيها نهراً في شرقي الأندلس,فيقول:
لله نهر سال في بطحاء.....أشهى وروداً من لمى الحسناء
متعطف مثل السّواركأنه....والزه ر بكنفه مـــجـــرّ سماء
قد رق حتى ظنّ قرصاًمفرغاً...من فضة في بردة خضراء
وغدت تحفّ به الغصون كأنها...هدب تحفّ بمقلة زرقاء
والريح تعبث بالغصون,قد جرى...ذهب الأصيل على لجين الماء
ومن الشعر الذي قيل في وصف الطبيعة ماجاء مؤطراًبمجالس الشراب والأنس,
كما في قول ابن عمار من مقدمة لقصيدة مدح فيها المعتمد بن عبّاد:
أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى ....والنجمُ قد صرف النعاس عن السرى
والصبح قدأهدى لنا كا فــورة.....لما استردّ الليلُ منا الـــــــــعنبــــرا
والرّوضُ كالحسنا كساهُ زهرُهُ....وشياً وقلّده نــــداه الــــجـــوهـــــــر ا
روضّ كأن النهر فــيه معصم....صاف ٍأطل على رداء أخــــــــضـــــرا